التواصل مع أبنائنا أفضلُ استثمار - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

التواصل مع أبنائنا أفضلُ استثمار
عصام محمود - 06\12\2010
قد يخطئ من يعتقد أن رحلة أولادنا في هذه الحياة سهله بفضل الوسائل العديدة المتاحة لهم ,وبفضل اهتمامنا الزائد بهم وسعي كل منا لتنفيذ كل متطلباتهم على أكمل وجه,وذلك بدافع حُبَّنا لهم والحرص على توفير السعادة لهم. ومن ينظر إلى الوجه الآخر للعملة ,فيجد أن هذه الوسائل المتاحة التي نؤمنها لهم بحاجه إلى رقابة شديدة منا,فمن يسأل نفسه كم من الوقت يخصص في اليوم لأولاده ,يجد أن هذا لا يكفي لمعرفة شئ عنهم وعن التحديات التي تواجههم في حياتهم اليومية , وجميعنا يدرك أن المغريات في هذه الأيام كثيرة ,وانجراف المجتمع في اتجاه العصرنة في تسارع دائم, فأصبحنا نقلّد الغرب في كل شئ سلبي أو إيجابي على حدٍ سواء دون إدراك منا أن الأشياء السلبية التي نتعلمها منهم أخطر ما يكون على مجتمعنا وخاصة على أولادنا, فهم الطبقة الأكثر حساسية والأكثر تعرضاً للخطر, وقد أصبحنا في تقليدنا للمجتمعات المتقدمة أشبه بتقليد الغراب للحجلة ,فقد أخطئَ مشيها ونسي مشيتهُ وأصبح يقفز بطريقة مختلفة عن سائر الطيور.
لنأخذ الطبقة المراهِقة من أولادنا ونجعلها محور اهتمامنا,فهي برأيي أهم مرحله يمر فيها الشاب أو الصبية في طريقهم من الطفولة إلى البلوغ,فالتغييرات الجسدية والجنسية التي يمرون بها تتركهم في حيرة من أمرهم,وخاصة إذا وقفنا نحن الأهل موقف الحياد من ذلك,دون دعمنا وشرحنا لهم عن هذه الفترة من حياتهم.فالمراهق يمر بسلسلة من الأحداث كالشعور بالإحباط أو النقص والبحث عن الهوية والحاجة إلى تحقيق الذات والاستقلالية في شخصيته والتقلب في المزاج,وإذا واجه المراهق كل هذه الأشياء وحيداً فقد يدخل في عزله قد تؤثر على تحصيله في المدرسة وعلى انتمائه لعائلته أو لأصدقائه .
بعد فهمنا لهذه الفترة من حياتهم بقي علينا أن نعرف كيف نحبهم ونضبتهم في آن واحد, كيف نكون لهم أصدقاء دون أن ننسى دورنا كوالدين, كيف نجعلهم يثقون بنا ونكون لهم المرجع الأول والأهم في حل مشاكلهم.
ليس سراً أن قسماً كبيراً منا لا يعرف الإجابة على هذه الأسئلة كلها , ربما نحن بحاجة إلى توعيه وإرشاد من قبل المتخصصين في هذا المجال ,فقط علينا التوجه إليهم ومن دون تردد أو خوف أو خجل,فالإنسان بحاجة إلى التعلّم والاستفادة من أصحاب الخبرة ,فالأخطر أن نعرف بوجود مشكلة مع أولادنا ونتجاهلها أو ننتظر أن يأتي الحل من مصدر آخر,فنحن وللأسف مشغولون بالاستثمار بأشياء أخرى والجري وراء المادة ولا نكرّس الوقت الكافي لأولادنا , فالبعض يظن أنه يكفي عليه أن يؤمن لهم الحاجيات الأساسية لينتهي دوره معهم ويتفرغ للأشياء الأخرى , والبعض الآخر يعتقد أن تربية أولاده هي مسؤولية المدرسة ومعلميها,
فتجده يلقي باللوم على المعلم عند فشل ابنه في الدراسة متناسياً أنه لم يسأل عنه المعلم طيلة السنة حتى ولو مرة واحدة.
إذن لدورنا في تربية أولادنا ونشأتهم بطريقة صحيحة أهمية كبرى ,بل ولعلها الحدث الأهم والتحدي الأكبر في حياتنا ,فهذا من شأنه أن يساهم في بناء مجتمع قوي يقف في وجه كل التحديات ,ويسير في خطى ثابته نحو مستقبل زاهر.